الفصل ١٠: لعنة المهول 

 

 

أعلن الحكم بداية القتال.

 

انطلقت لونا بسرعة خاطفة، لم تمنح فروسيتا فرصة حتى لتفعيل سحرها. لكن الأخيرة لم تكن خصمًا سهلًا — فعّلت سحر الجليد، وأطلقت مئات السهام الثلجية في اتجاه لونا.

 

 

صرخت فروسيتا بشراسة:

 

 

“سأقتلك أيتها الوغدة!”

 

 

تراجعت لونا، ثم فعّلت هالة الضوء، فانبعث منها وهجٌ ساطع قطع السهام القادمة. لكن فروسيتا استغلت اللحظة، أطلقت رماحًا مائية مزّقت جزءًا من درع لونا.

 

ارتفعت هالة الضوء من جسد لونا، وأضاءت الحلبة بالكامل، مما أربك فروسيتا لثانية. لكنها لم تتردد، فأطلقت درعًا جليديًا خرجت منه أشواكٌ حادة خدشت جسد لونا.

 

تراجعت لونا تلهث… والعرق يتصبب من جبينها.

 

 

خارج الحلبة…

 

كان لين يراقب القتال بتوتر، يده تقبض على السور المعدني.

 

لين (في نفسه):

 

 

تبا… كان يجب أن أجعل لونا تنسحب. إن استمر القتال، ستفشل مهمتي. فروسيتا قوية جدًا… وإن تدخلت، سأبدو كأني أحميها… وهذا سيغضبها ويغضب البطريكة.

 

لين (بصوت خافت):

 

 

“انسحبي يا لونا… اللعنة.”

 

…فلنفكر بسرعة… اللعنة…

 

ثم ارتسمت على وجهه ابتسامة خفيفة.

 

لين:

 

 

وجدتها. أمامي خياران.

 

 

الخطة الأولى: أستغل حب فروسيتا لي. أتلّقى هجومها بدلًا عن لونا، وأدّعي الإرهاق، فتخرج من الحلبة لتنقذني.

 

 

لكن… هذه مخاطرة.

 

في الحلبة…

 

لونا:

 

 

“فلتنهِ هذا يا فروسيتا… هذه هجمتي الأخيرة!”

 

لين (مذهول):

 

 

هالة نارية… مدموجة مع الضوء؟! هذه التقنية غير مستقرة!

 

اندفعت لونا، واخترقت الدرع الجليدي، مخلفة خدشًا واضحًا على وجه فروسيتا.

 

 

فروسيتا (غاضبة):

 

 

“تبًا لكِ!”

 

ارتفعت في السماء، عيناها تحوّلتا إلى بياض نقي.

 

 

فعّلت إعصارًا ثلجيًا عملاقًا. مئات الرماح الجليدية التفّت حولها، ثم جمّدت الأرض تحت قدمي لونا.

 

فروسيتا (بغضب مرتجف):

 

 

“لم أرد قتالك… لكنكِ حاولتِ إغواء ما أملك.”

 

 

“سأقتلك بنفسي!”

 

لين (يصرخ):

 

 

“تبا! لا خيار!”

 

انطلق إلى الحلبة، كسر الجليد بقدمه، ورفس لونا خارجها دفعة واحدة.

 

لين:

 

 

“كيف تجرئين على مهاجمة سيدتي؟! تبًا لكِ، أيتها العاهرة!”

 

تقدّم إلى فروسيتا، ركع، أمسك بيديها بلطف وقال:

 

“هل أنتِ بخير، سيدتي؟ أنا آسف لما حدث… يبدو أن الخونة تجرّأوا على التطاول على أسيادهم.”

 

الحكم:

 

 

“فوز فروسيتا!”

 

لين (بابتسامة وهو يدفعها خارج الحلبة):

 

 

“آسف يا سيدتي… لا يجب أن تشتتي تركيزك في القتال.”

 

انهالت الشتائم من الجمهور:

 

“هذا غش!”

 

 

“أين الشرف؟!”

 

 

“مخادع!”

 

لكن لين اكتفى بابتسامة ساخرة، وكأن الشتائم كانت مدائح.

 

 

ظهر النظام:

 

 

> تم إنهاء المهمة: البقاء على قيد الحياة وتجنّب السيناريو.

 

 

سيتم تعليق درع الحماية خلال ساعتين، ودخول وضع التهدئة.

 

 

لين (يتنفس بارتياح):

 

 

نجونا…

 

 

لكن الراحة لم تدم.

 

البطريكة:

 

 

“لين… كيف تجرؤ على التدخل في معركة ليست دورك؟”

 

لين (بثقة):

 

 

“كيف أسمح لسيدتي أن تُخدش وأبقى ساكنًا؟”

 

البطريكة:

 

 

“إن كنت مخلصًا، فاقتُل من خدشتها… اقتل لونا.”

 

صمت تام…

 

لين (يفكر):

 

 

إن لم أفعل، سأُعد خائنًا. وإن فعلت… سأُعادي الإمبراطور وإيان.

 

لين:

 

 

“سأتقبل أي عقوبة ترينها مناسبة.”

 

 

البطريكة:

 

 

“زنزانة الصقيع… لأسبوع. بعدها، ستنال مكافأتك.”

 

 

أُخذ بالقوة، لكنه صرخ:

 

“ما هذا الهراء؟! لا يوجد أي قانون يمنع ذلك!”

 

فعّلت البطريكة ضغطًا سحريًا طغى على المكان، فانحنت الأرواح قبل الأجساد، وركع الجميع تحت وطأة هيبتها.

 

قالت بصوت عالٍ، حاد كالسيف، لا يرحم ولا يتردد:

 

 

“مجرد خادم… يجرؤ على الاعتراض على أوامري؟”

 

ثم التفتت ببرود ملكة تعاقب لا ترحم، وأمرت أحد سحرة العائلة:

 

 

“خُذوه… واسحبوه إلى هناك.”

 

 

وفي طرفة عين، ظهر الساحر خلف لين، همس بتعويذة بالكاد سُمعت… وسقط لين فاقدًا للوعي، كدمية انقطعت خيوطها.

 

 

وحين اختفى، بقيت نظرات فروسيتا معلّقة عليه…

 

 

عينان متوهجتان بالتناقض،

 

 

رغبة… وشفقة.

 

 

كأنها تخشى عليه… وتشتهيه في الوقت ذاته.

 

 

 

 

في زنزانة الصقيع…

 

كان لين قد آفاق  ليري

 

أن أبواب الجحيم لم تُفتح نارًا، بل جليدًا.

 

الهواء نفسه كان خنجرًا غير مرئي، يمرّ من رئتي لين فيمزّق كل خلية فيهما، كل نفس يُؤخذ منه عنوة. الجليد لم يكن أبيض، بل أسود، شفافًا كالكريستال الملعون، وداخله… ظلال تتحرك ببطء، كأنها تغرق في لزوجة أبدية. وجوه مشوهة، بأفواه مفتوحة على صراخ لا يُسمع، تطرق الجدران من الداخل، تصرخ دون صوت، تنظر إليه برجاء أو لعنات.

 

 

كان الجدار أكثر من جدار… كان شاهِد قبرٍ حيّ، يري فيه لين مصيره المحتوم.

 

 

أرضية الزنزانة ليست سوى قشرة رقيقة فوق هاوية. كل خطوة يخطوها تُصدر “طقطقة” خافتة، تنبئه أن السقوط ليس احتمالاً، بل وعدًا مؤجلًا. لا شيء تحتها… فقط فراغ ممتد، أسود كأعين الظلال التي تحدق به دون أن يهتز لها رمش.

 

 

ارتعش جسده، ليس من البرد فقط، بل من شيء أعمق. شيء تسلل إلى نخاعه، إلى روحه.

 

 

> النظام: تبقّى على وضع التهدئة: ٣… ٢… ١…

 

 

عند الصفر، لم يكن الألم عاديًا. لم يكن حتى ألمًا جسديًا. بل كأن شيئًا اقتحم رأسه، ودس فيه الجنون بأصابعه الباردة.

 

 

ظهرت عين كبيرة من العدم تحدق فيه 

 

تكفي نظرة واحدة منها  لقتل شخص ،

 

و فجأة وجد لين نفسه يقع في كرة سوداء معتمة.

 

صرخ و هو يهوي في محيط من السواد العدمي .

 

ثم سمع أصوات… لم تكن قادمة من الخارج… بل من داخله. من زوايا جمجمته، من شقوق روحه.

 

 

ضحكات مجنونة. صرخات مدوية. همسات مميتة .

 

كل صوت يحمل نبرة يعرفها…

 

رأي كل من يعرفهم يسخرون منه… وصوته هو، يتشظى بين بكاء وهستيريا.

 

 

“ما هذه الظلال؟” صرخ، وصدى صوته لم يخرج من فمه، بل من داخله. “اتركوني وشأني!

 

 

لكنهم لم يتركوه.

 

لم يكونوا فقط حوله… بل فيه.

 

 

الظلال تسللت من الجدران، كدخان أسود ينساب تحت جلده.

 

لم تكن أشكالاً… بل أفكارًا.

 

 

كل ظل كان ذنبًا.

 

كل ظل كان خطيئة.

 

كل ظل كان قرارًا ندم عليه، كلمة تفوّه بها وكرهها، لحظة ضعف حاول أن ينساها.

 

 

> “أنت لا تستحق الحياة.”

 

“الخوف يحكمك.”

 

“هربت من المهول؟ لمَ؟ إلى أين ستفر الآن؟”

 

 

ضرب رأسه بالجدار، يريد أن يخرس الأصوات، أن يُسكت كل ذلك الندم…

 

لكن الجدار ابتلع الضربة، وأعادها إليه على شكل صدى نفسي، تضاعف الألم.

 

 

“تبا… تبااا!”

 

 

ركع على الأرض، ضامًّا رأسه بذراعيه، بينما البرد يخترق عظمه كمسامير من جليد.

 

 

لكن الظلال لم تكتفِ.

 

هذه المرة… لم تخاطب لين.

 

 

بل خاطبت من يسكنه.

 

 

> “أنت لست هو.”

 

“أنت دخيل… جسد هذا الطفل ليس لك.”

 

” طفلنا قد مات… ما أنت إلا طُفيلي.”

 

 

حينها… اهتزّ شيء في داخله.

 

كأن روحه طُعنت بسكين .

 

كأن الجسد لفظه، والوعي تمزق.

 

 

انبثقت نبضات من الضوء…

 

ليس نقيًا، بل أسود مشع، مشوّه، كأنه يحاول أن يكون طاهرًا… ويفشل.

 

 

صعد الضوء من عموده الفقري حتى مؤخرة رأسه، ثم انفجر بصمت داخل جمجمته.

 

صرخة… مكتومة… مرّت عبر دموعه، التي لم تكن ماءً، بل دمًا أسود.

 

 

ركع، يداه ترتعشان كأوراق خريف في عاصفة.

 

 

عيناه اصبحتا ذاتا سواد قاتم دون بياض كأنهما الموت نفسه.

 

كأن الحياة غادرتهما للأبد.

 

 

صوت المهول دوّى، من داخله، لا من الخارج:

 

 

> “عد… قبل أن تزداد اللعنة.”

 

“كُن ما كنت، أو تَلاشَ.”

 

” أو ستُمحى من كل العوالم، من الذاكرة، من الوجود.

 

 

الهواء حوله تجمّد… ثم تحطّم.

 

 

كأن الواقع نفسه انكسر.

 

 

أصبح يصارع حتي يتنفس و كأن هناك من يسرق أنفاسه. 

 

أحس كأن قلبه… لم يعد ينبض بإيقاعه، و كأن كيانًا آخر يحاول السيطرة عليه و سرقة نبضاته.

 

 

“مـن… مـن أنا؟” همس…

 

لكن صوته لم يكن  هو صوته.

 

ولا اسمه هو اسمه.

 

 

و فجأة…

 

صعدت صرخات من أعماقه، ليست بشرية.

 

بل أرواح تائهة…

 

أرواح ماتت في المهول، ولم تجد سبيلًا للهروب… إلا عبره.

 

 

> “أخذت جسدي!” صرخ لين 

 

و ردت عليه الظلال “خنت قدرَك!”

 

“الآن… سنأخذك معنا.”

 

 

جلده بدأ  يتشقق، ليس كجروح…

 

بل كأن جسده لم يعد يوافق على وجوده.

 

 

عظامه تلوت، ثم تفككت، ثم عادت تتشكل… مرارًا وتكرارًا.

 

الزنزانة لم تعد زنزانة…

 

بل رحم المهول، يعيد ولادته… كشيء آخر.

 

 

شيء ليس إنسانًا.

 

 

تحته… العدم بدأ يتمدد.

 

 

الواقع تهاوى، وارتفعت عيون لا تُعد…

 

كلها تنظر إليه. تحاكمه. تدينه.

 

وتطلب روحه.

 

 

كان وحده. عارٍ من اسمه، من جسده، من ماضيه.

 

 

لا لين. لا جين. لا أحد.

 

فقط صراخا دوي للأبد ، كل دقيقة كانت أسوأ مما قبلها ،  الموت كان أرحم مما يحدث له.

 

كان كل ما تبقي في الزنزانة هو صوت ارتطام رأسه و دما أسود . 

 

 

رابط السيرفر: https://discord.gg/kXjRm2cm

 

لصور الرواية و فيديوهاتها 

 

MANGA DISCUSSION