في المطعم الخافت والفارغ، بدأ كولين يفك قميصه بحذر، ليفحص الجرح في صدره تحت ضوء الشموع.

لم يكن الجرح قد شُفي بعد، ولم يتلق أي علاج.

لكن لم يكن هناك قطرة دم واحدة.

لأنه أصبح الآن قادرًا على التحكم في الدم في جسده بالكامل.

ربما كانت هذه إحدى القدرات الفطرية لمصاصي الدماء.

ضغط كولين على جوانب الجرح، وسحبها برفق في اتجاهين متعاكسين.

“آه—” شعر بألم شديد جعله يلتقط أنفاسه بسرعة.

ومع ذلك، شعر كولين بشيء من الارتياح.

على الأقل، كان هذا يعني أن جهازه العصبي لا يزال يعمل بشكل جيد.

هذا جعله يشعر أن الفارق بينه وبين البشر العاديين ليس كبيرًا جدًا.

تمدد الجرح ليشكل ثقبًا صغيرًا. ومن خلال هذا الثقب، استطاع كولين أن يرى قلبه بوضوح.

لقد توقف عن النبض.

حسنًا، هذا الفارق بينه وبين البشر العاديين كان مهمًا بعض الشيء.

شعر كولين بشيء من الحزن.

“آه—”

بتنهيدة طويلة، ترك كولين يديه، وسمح للجرح بأن يبدأ في الانغلاق ببطء تحت تأثير عضلاته.

لم يكن الجرح ينزف، لذا لم يكن بحاجة إلى علاج.

كل ما عليه فعله هو مراقبة المدة التي سيستغرقها للشفاء—إذا كان لا يزال بإمكانه الشفاء.

في الحقيقة، عندما استيقظ هذا الصباح ووجد الخنجر مغروسًا في صدره، شعر كولين بلحظة من الذعر.

في ذلك الوقت، اعتقد أنه قد يكون أكبر فشل في تاريخ المسافرين عبر العوالم—ميتًا بمجرد وصوله.

لكن سرعان ما اكتشف أنه لا يمكنه الموت…

حتى مع خنجر مغروز في قلبه، لم يمت.

أما عن الشخص الذي وضع الخنجر في صدره، فلم يكن لدى كولين أي فكرة حتى الآن.

عند انتقاله هذه المرة، تمكن كولين من وراثة ذكريات سلفه.

من خلال هذه الذكريات، لم يستطع تحديد من حاول قتله.

ومع ذلك، كان لديه بعض الأفكار حول كيفية استدراج القاتل الذي يختبئ في الظل.

لكن لم يكن هناك حاجة للعجلة.

في الوقت الحالي، كان أكثر اهتمامًا بالجسد الجديد الذي ورثه والذي يبدو أنه جسد مصاص دماء.

بعد أن أعاد زر أزرار قميصه، وجه كولين نظره إلى آخر قطعة طعام على الطاولة الكبيرة—الثوم.

يقال إن مصاصي الدماء يخافون من الثوم.

في عالمه السابق، كان لدى كولين معرفة قليلة عن مصاصي الدماء كما تم تصويرهم في الروايات والأفلام، ولم يكن يعرف شيئًا عن خصائص مصاصي الدماء في هذا العالم أيضًا.

لم يكن هناك أي حل آخر سوى إجراء تجارب بطيئة.

قطع كولين قطعة صغيرة من الثوم بحجم نملة باستخدام سكين العشاء، ووضعها بحذر في فمه.

“أوف!”

على الفور تقيأ كولين بشدة.

يبدو أن مصاصي الدماء في هذا العالم يخافون أيضًا من الثوم.

“سيدي كولين، هل أنت بخير؟” سارعت الخادمة التي كانت تقف خارج الباب لتتفقده بعد أن سمعت الضجيج.

“أنا بخير… أوف!”

“سيدي، أنت بالتأكيد مريض. سأذهب لأبحث عن الكاهن…”

“لا!” عند سماع كلمة “كاهن”، قفز كولين تقريبًا من مكانه، وأوقفها بسرعة، “لا حاجة… سأكون بخير…”

“حقًا؟ لكن… وجهك اليوم شاحب جدًا، وها أنت تتقيأ…”

“قلت لك، اتركي الأمر!” بينما كان يفرك بطنه ويكتم رغبته في التقيؤ، نظر كولين إليها بغضب.

وبدا أن الخادمة شعرت بالخوف من نظرته الحادة، فلم تجرؤ على الإلحاح وغادرت مسرعة بعد أن قالت، “من فضلك، اعتنِ بنفسك.”

“هاه—” تنفس كولين بعمق، مستندًا إلى ظهر كرسيه وهو يلهث باستمرار.

مصاص دماء يتلقى علاجًا من كاهن؟

سيكون ذلك جنونًا!

رغم أن الكهنة في هذا العالم قد لا يكونون فعّالين ضد مصاصي الدماء، إلا أن كولين لم يكن يجرؤ على المخاطرة بحياته لاكتشاف ذلك.

على الأقل ليس الآن.

.

ربما لاحقًا، عندما يكون مستعدًا بالكامل، يمكنه اختبار الكنيسة في هذا العالم.

لكن بالتأكيد ليس الآن.

بعد فترة، هدأ كولين أخيرًا.

أخذ القلم الريشي واستمر في الكتابة على الرق:

[يكره الثوم، تناوله يؤدي إلى التقيؤ.]

وبينما كان يشعر بعناية بالتغيرات في جسده، أضاف:

[لكن ليس قاتلًا.]

قطب كولين حاجبيه وهو ينظر إلى الكلمات المكتوبة على الرق.

كان هناك شيء مريب.

نظر كولين إلى الثوم أمامه، وأدرك فجأة أن ما تناوله كان قطعة صغيرة جدًا…

مسألة الجرعة.

قد لا تكون الكمية الصغيرة قاتلة، ولكن إذا تم استهلاك كمية أكبر…

شحب وجه كولين وهو ينظر إلى حبة الثوم الكاملة أمامه.

لم يكن يرغب في إعادة التجربة.

قرر أن يبتعد عن الثوم في المستقبل.

بعد بعض التفكير، قرر كولين إنهاء هذه التجربة الخطيرة.

لف الرق ووضعه في معطفه، ثم نهض وغادر غرفة الطعام.

عندما اقترب كولين، انحنت الخادمة الواقفة خارج القاعة احترامًا.

“نظفي هذا المكان”، قال كولين وهو يلقي نظرة سريعة على الخادمة التي كانت تخفض رأسها باحترام، “ولا تخبري أحدًا بما حدث.”

“نعم، سيدي!”

عاد كولين إلى غرفته عبر الممر المظلم.

كان الوقت ما زال مبكرًا عندما جلس كولين على مكتبه.

كان هناك كتاب مفتوح على المكتب بعنوان “تاريخ الإمبراطورية المجيدة”.

قرأ كولين هذا الكتاب في طفولته، لكن ذاكرته عنه كانت ضبابية.

والآن بعد أن سافر إلى عالم جديد، ولتحسين فهمه له، وتتبع أي أدلة قديمة عن مصاصي الدماء، قرر أن يدرس الكتاب بعمق.

لكن جهوده باءت بالفشل.

لم يتضمن الكتاب أي سجلات عن مصاصي الدماء.

لكن كولين لم يخرج فارغ اليدين، فقد تمكن من تحسين معرفته بتاريخ الإمبراطورية البشرية.

قبل أكثر من خمسة عشر قرنًا، قام غانا لورينزو، الفارس المقدس الأسطوري الذي خدم رب المجد، بتوحيد البشر وأسَّس الإمبراطورية المجيدة، وأصبح أول إمبراطور لها.

ولمواجهة الأعداء الأجانب المحيطين بالإمبراطورية، منح غانا ستة من فرسانه المقدسين لقب دوق، وكلفهم بالدفاع عن حدود الإمبراطورية وتوسيع أراضيها باستمرار.

وبعد مرور سنوات طويلة، لم يتبق من الدوقات الستة الأصليين سوى أربعة.

كولين كان يعيش في الإقليم الشمالي، الذي كان تحت حكم الدوق هيلدي، أحد الدوقات الأربعة المتبقين.

كانت الأراضي الشمالية في الأصل ملكًا لعشيرة التروول، لكن عائلة هيلدي طردتهم شمالًا إلى سهول الجليد السماوي.

وبسبب رغبتهم في استعادة أراضيهم الخصبة، يشن التروول هجمات جنوبية تقريبًا كل عام.

وهذا العام لم يكن استثناء.

والد كولين، البارون أنجلر، كان في الخطوط الأمامية لهذه الحرب.

مع تقدم الليل، انطفأت الشمعة على المكتب، وعمّ الهدوء الغرفة.

كان الصوت الوحيد هو تنفس كولين المنتظم والهادئ، وصوت بومة بعيدة خارج قلعة جري.

عندما غطت الغيوم ضوء القمر، ظهر فجأة ظل غامض بجانب سرير كولين.

راقب كولين النائم، وقد بدت عليه علامات الحيرة.

لأنه كان يتذكر بوضوح أنه في الليلة السابقة فقط، غرس خنجرًا في صدر كولين.

‘لماذا لم يمت؟’

تساءل الرجل الغامض.

لكنه لم يتردد.

بسحب الخنجر بهدوء، وضعه ببطء فوق صدر كولين.

في تلك اللحظة، تذكر ما قاله له أحدهم ذات مرة:

“بينما قلب معظم الناس يميل إلى اليسار، هناك عدد قليل تكون قلوبهم على اليمين.”

لذلك، هذه المرة، حرك الخنجر بيده قليلًا نحو اليمين.

“ش!”

غرس الخنجر بوحشية في صدر كولين.

أفاق كولين من حلمه من شدة الألم. كان على وشك الصراخ، لكن يدًا كبيرة غطت فمه على الفور.

“همم… همم… همم…”

تحدق عيناه بذعر في الرجل القاتل، واتسعت عيناه في صدمة.

لقد تعرف عليه!

بعد لحظات، خفَّت مقاومة كولين تدريجيًا.

لكن الرجل الغامض بقي حذرًا.

انتظر لمدة عشر دقائق كاملة قبل أن يرفع يده عن فم كولين بحذر.

ثم سحب الخنجر من صدره وأضاف طعنة أخرى في حلقه.

الآن، لا بد أنك مت.

إدا اعجبك الفصل ادعمني بتعليق جميل ♡